إن الغرب بقيادة الإدارة الأميركية ،يمتطي حصان الديمقراطية وحقوق الإنسان،وحماية الأقليات العرقية والأمنية،للوصول إلى أهدافه الاستعمارية،وبينما تقوم الأنظمة الغربية وأجهزتها الأمنية بالتعدي على حقوق مواطنيها سواء الذين يحملون جنسيتها أو المقيمين على أراضيها بحجة الحذر الأمني ومقاومة الإرهاب، وتسطو على الودائع المالية لأي دولة كلما توترت العلاقات كما يفعل قطاع الطرق من اللصوص، وبنفاق ديمقراطي وإنساني وخداع وتضليل إعلامي وأمني، تتدخل هذه الأنظمة وبوقاحة في الشؤون الداخلية للدول الضعيفة سواء بالانتخابات التشريعية أو الرئاسية كما يحصل الآن في أفغانستان ،وكما يحصل في إيران وكما يحصل في لبنان وغيرها من الدول في العالم الثالث ،يضاف ذلك إلى السجل الأسود للمخابرات الأميركية في صنع الانقلابات العسكرية أو المدنية الناعمة، لقلب الأنظمة المتمردة.
ومما يثير الاستغراب والتساؤل ، قدرة النفاق الغربي خاصة الأميركي، في التعامل مع الشعوب ونتائج الديمقراطيات المحلية، والأكثر غرابة هو تقبل الشعوب وسياسييها للتحكيم الأميركي والغربي في مسألة نزاهة الديمقراطية،بل واستضافة المراقبين الدوليين الغربيين خصوصا، لمراقبة الانتخابات في عدة بلدان،والتي تعترف ضمنا بمجرد القبول بالرقابة الأهلية الأوروبية والأميركية غير الرسمية، بأنها لا تتمتع ذاتيا بالنزاهة أو الشفافية أو القدرة على إنجاز الانتخابات ،ومع ذلك، إذا أثمرت الانتخابات( المراقبة دوليا وأميركيا )بنتائج غير متوافقة مع المصالح الأميركية فإن هذه النتائج تهمل ولا يعترف بها، ويسجن نوابها المنتخبون ديمقراطيا باعتراف أميركي ،كما جرى في الانتخابات الفلسطينية وفوز حركة حماس حيث تم سجن نواب حماس في المعتقلات الإسرائيلية، والإيعاز لمحمود عباس المنتهية ولايته، بإقالة الحكومة الشرعية وتعيين حكومة بديلة وبرضى وببركة أميركية وغربية حتى صار النائب المنتخب بمثابة إرهابي والمتجاوز للسلطة شرعيا بامتياز، وفي نفس اللحظة السياسية والزمنية،و حتى في نفس الحيز الجغرافي يأتي تزوير الانتخابات الأفغانية مع وجود الاحتلال الأميركي وبإشرافه وباعترافه أيضا مع الهيئات الدولية أيضا.
إن الرئيس الأفغاني كرزاي،قد زور أكثر من مليون صوت مما أسقط أهليته بالاستمرار في الانتخابات لكن الوقائع أثبتت عكس ذلك تماما، حيث تم الضغط على منافسه الرئاسي عبد الله عبد الله للانسحاب لضمان بقاء كرزاي رئيسا لأفغانستان، بعدما تبين للاحتلال الأميركي أن الدورة الثانية للانتخابات بدون تزوير، لن تعطي صفة (الرئيس) لكرزاي بينما حاجة الاحتلال لحماية مصالحه ،هو أن يبقى كرزاي رئيسا سواء بأسلوب ديمقراطي أو غير ديمقراطي وقد أصيب المسؤولون الأوروبيون بالخرس السياسي، ولم يتشدقوا بأي كلمة إدانة لما جرى في أفغانستان كما فعلوا عندما أوعزوا لبعض التابعين لهم من عملاء، وبعض المضللين من الإصلاحيين الذين يمكن أنهم يريدون الحق لكنهم أخطأوا الطريق،وتفرغ كل الغرب وإعلامه ومسؤوليه ومؤسساته ،حرصا على ( ديمقراطية إيران) المنتهكة حزنا على إحدى الضحايا في المظاهرات،ولم يحزنوا للضحايا بالمئات بل والآلآف في فلسطين والعراق وأفغانستان، والذين يقتلون برصاص أميركي،و بقرار أميركي،وأوروبي في بعض الأحيان .
الديمقراطية الأميركية والغربية،هي سلاح هادئ وغير مكلف يمثل القتال عن بعد،بواسطة أدوات محلية،شأنه شأن السلاح الجرثومي،والسلاح النووي،يستعمل لإخضاع من تمرد أو مانع السيطرة الأميركية،بل يستعمل الآن كأداة لتخدير للشعوب حتى لا تقاوم محتليها،وكأداة تشريع لبقاء الاحتلال،بل لصناعة دمى سياسية تتشكل منها الأنظمة تحت نظر الاحتلال،ولصناعة ثقافة جديدة،لا ترى من الاحتلال تعديا على السيادة،أو خرقا للقانون الدولي،ففي فلسطين يصبح الهم الأساس،كيف تجري انتخابات تشريعية ورئاسية،و احترام دستور وهمي،بينما تتعرض القدس للقضم وتسقط شارعا بعد أخر، ولا يكترث لتهويدها وعذاباتها أحد،بل المهم كيف ترسم صورا وهمية للرئيس وللوزراء على السجاد الأحمر،في العراق تجري الانتخابات تحت ظل الاحتلال،بدعم من يريد،ويعتقل من لا يريد ويشرع القانون الانتخابي الذي يؤمن مصالحه من النفط إلى الأمن،و التدخل في شؤون الدول المحيطة،و يتحول الاحتلال إلى منقذ وراع للعملية الديمقراطية،بالقهر والسلاح،ويتم تزوير الانتخابات الأفغانية،برعاية ومسؤولية أميركية لأن الاحتلال مسؤول عما يجري في دائرة احتلاله.
أيها الضعفاء من العرب والمسلمين،الديمقراطية الأميركية،سلاح فتنة بينكم،ليسهل ابتلاع أوطانكم.
الديمقراطية الأميركية،نفاق وخداع،إن ربح المقاومون والوطنيون فيها،أسقطت ولم يعترف بها،وسجن نوابها.
الديمقراطية الأميركية،هي كل عملية انتخاب مزورة،أو مصادرة تؤمن المصالح الأميركية،وتسهل تفتيت الأوطان، وإشعال الفتن.
الديمقراطية الأميركية ، وباء تصنعه أميركا،لتلقيح الشعوب والأنظمة التي تريد إسقاطها،ومصادرة ثرواتها .
والسؤال ،لماذا لا تدق الديمقراطية الأميركية،أبواب الممالك والإمارات،أو الرئاسات الملكية،والتوريث الملكي أو الديمقراطي...الجواب،لأن المصالح الأميركية تتطلب إبقاء الأنظمة التي تقيد الشعوب،وتنفذ التعليمات الأميركية.
لذا فإن الديمقراطية الأميركية تصاب بالعمى،وعدم النطق،بل وتبارك وترعى هذه الأنظمة المصادرة للشعوب والحريات والمستقبل ،لذا فعلى الشعوب صناعة أنظمتها وديمقراطيتها التي تحفظ أوطانها وتحمي ثرواتها،دون انتظار شهادة حسن سلوك من القتلة الدوليين حتى لو أطلقوا على أنفسهم ( القوى العظمى )....